معاريف: هل كان على إسرائيل أن تسمح لحماس بإمساك العصا من طرفيها؟

معاريف: هل كان على إسرائيل أن تسمح لحماس بإمساك العصا من طرفيها؟

  • معاريف: هل كان على إسرائيل أن تسمح لحماس بإمساك العصا من طرفيها؟

اخرى قبل 4 سنة

معاريف: هل كان على إسرائيل أن تسمح لحماس بإمساك العصا من طرفيها؟

جولة التصعيد الأخيرة تفيد بوجود فجوات فكرية عميقة بين إسرائيل وحماس حول مفهوم التسوية. من ناحية إسرائيل، المقصود هو “صفر أحداث”، وهو هدف دفع من أجله إلى الأمام بتسهيلات مدنية دراماتيكية مؤخراً. وهذا أمر بعيد عن نظر حماس. ورغم أن الحركة تعهدت بعدم تشجيع أعمال العنف بنفسها (ولا سيما تقييد “إرهاب البالونات”، وهي “طريقة قتالية” اخترعتها قبل نحو شهر ونصف)، ولكنها امتنعت عن الإعلان الرسمي عن وجود تسوية، وأساساً عن إلزام باقي الفصائل بوقف الأعمال الإرهابية ضد إسرائيل. وهكذا تنجح منظمة حماس في الإمساك بالعصا من طرفيها: تحظى بالإنجازات المدنية المهمة، وفي الوقت نفسه تحافظ على صورتها كـ “طليعة المقاومة” وتعفي نفسها من الاحتكاك مع الفصائل الأخرى.

تجسد الجولة الأخيرة الثمن الذي تدفعه إسرائيل على التهور الذي تبلورت فيه التسوية الحالية، وبالأساس الاستعداد للإبقاء على مسائل مفتوحة في الطريق إلى هذا الهدف. وفي هذا السياق، تبرز ثلاثة مواضيع لم تحسم كما ينبغي ولم تدرج في التسوية: استمرار توجيه الإرهاب من القطاع إلى الضفة؛ وحل مسألة الأسرى والمفقودين الإسرائيليين؛ وفرض إمرة حماس على باقي الفصائل، المسألة التي في نهاية المطاف أدت إلى تقويض التسوية.

ثمة خط آخر من الجانب الإسرائيلي، وهو الانجرار إلى مناوشة مباشرة أخرى مع الجهاد الإسلامي، في ظل إبقاء حماس – صاحبة السيادة في القطاع فعلياً – في الموقع المريح للمشاهد المحايد، وإعفائها من الضربات التي أوقعها الجيش الإسرائيلي على غزة. الأمر يترافق أحياناً والإعراب عن تفاهم إسرائيلي لمصاعب حماس في فرض إمرتها في هذا الوقت على باقي مراكز القوى. من الضروري الاستيعاب بأن لحماس سيطرة مطلقة في القطاع. وفرض إمرتها ليس مريحاً لها، ولكنه موضوع يتعلق بالإرادة لا بالقدرة، وإسرائيل ملزمة بأن تطالبها بهذا الأمر.

الحكومة التالية في إسرائيل ستكون مطالبة بخطوتين جوهريتين وسريعتين في سياق القطاع. الأولى، أن تفتح “ملف التسوية” المتهالك والتأكد من أنه يتضمن المواضيع الثلاثة التي ذكرت آنفاً، وعلى رأسها مسألة الأسرى والمفقودين التي لا ينبغي عزلها عن الحوار العام مع حماس مثلما جرى اليوم. ثانياً، نوصي بالبدء بوضع استراتيجية وطنية في موضوع القطاع. في هذا الإطار، من الحيوي البحث بعمق –وأخيراً الحسم أيضاً– في أي مسار يجب التمسك بين قطبي تسوية استراتيجية كاملة (تتضمن تغييراً جوهرياً في السلوك المدني تجاه غزة) وبين إسقاط حكم حماس والسيطرة، لزمن طويل أو قصير، على المنطقة في محاولة لإقامة نظام جديد فيها. أما استمرار الوضع الحالي فلا يبدو ممكناً الإبقاء عليه في زمن طويل، وهو الذي سيوجه إسرائيل في نهايته إلى معركة واسعة حتى بلا رغبة وتخطيط مسبق.

بقلم: العقيد احتياط ميخائيل ميلشتاين

رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز دايان ومستشار منسق الأعمال سابقاً

معاريف 26/2/2020

 

التعليقات على خبر: معاريف: هل كان على إسرائيل أن تسمح لحماس بإمساك العصا من طرفيها؟

حمل التطبيق الأن